محمود درويش أحن إلى خبز أمي
محمود درويش أحن إلى خبز أمي من اجمل ما جاد به قلم محمود درويش، هي قصيدة أحن إلى خبز أمي، بالإضافة إلى عدة أشعار رائعة لهذا الشاعر الفلسطيني المميز.
محمود درويش أحن إلى خبز أمي
أحنُّ إلى خبز أمي.
وقهوة أُمي.
ولمسة أُمي..
وتكبر فيَّ الطفولةُ.
يوماً على صدر يومِ
وأعشَقُ عمرِي لأني.
إذا مُتُّ ,
أخجل من دمع أُمي !
خذيني ، إذا عدتُ يوماً
وشاحاً لهُدْبِكْ
وغطّي عظامي بعشب.
تعمَّد من طهر كعبك
وشُدّي وثاقي..
بخصلة شعر..
بخيطٍ يلوَّح في ذيل ثوبك..
عساني أصيرُ إلهاً
إلهاً أصيرْ.
إذا ما لمستُ قرارة قلبك !
ضعيني , إذا ما رجعتُ
وقوداً بتنور ناركْ…
وحبل غسيل على سطح دارك.
لأني فقدتُ الوقوف
بدون صلاة نهارك
هَرِمْتُ , فردّي نجوم الطفولة.
حتى أُشارك
صغار العصافير
درب الرجوع …
لعُشِّ انتظارِك !
قصيدة بـطـاقـة هـويـة للشاعر محمود درويش
سجِّل!
أنا عربي
ورقمُ بطاقتي خمسونَ ألفْ
وأطفالي ثمانيةٌ وتاسعهُم..
سيأتي بعدَ صيفْ!
فهلْ تغضبْ؟
سجِّلْ!
أنا عربي
وأعملُ مع رفاقِ الكدحِ في محجرْ .
وأطفالي ثمانيةٌ
أسلُّ لهمْ رغيفَ الخبزِ، والأثوابَ
والدفترْ من الصخرِ
ولا أتوسَّلُ الصدقاتِ من بابِكْ.
ولا أصغرْ أمامَ بلاطِ أعتابكْ .
فهل تغضب؟
سجل!
أنا عربي
أنا إسمٌ بلا لقبِ صبورٌ
في بلادٍ كلُّ ما فيها يعيشُ بفورةِ الغضبِ .
جذوري قبلَ ميلادِ الزمانِ
رستْ وقبلَ تفتّحِ الحقبِ
وقبلَ السّروِ والزيتونِ
وقبلَ ترعرعِ العشبِ
أبي، من أسرةِ المحراثِ.
لا من سادةٍ نجبِ
وجدّي كانَ فلاحًا بلا حسبٍ، ولا نسبِ!
يعلّمني شموخَ الشمسِ
قبلَ قراءةِ الكتبِ
وبيتي كوخُ ناطورٍ منَ الأعوادِ والقصبِ .
فهل ترضيكَ منزلتي؟
أنا إسمٌ بلا لقبِ
سجلْ! أنا عربي
ولونُ الشعرِ، فحميٌّ
ولونُ العينِ، بنيٌّ
وميزاتي:
على راسي عقالٌ فوقَ كوفيّه
وكفّي صلبةٌ كالصخرِ
تخمشُ من يلامسَها
وعنواني:
أنا من قريةٍ عزلاءَ منسيّهْ
شوارعُها بلا أسماء
وكلُّ رجالها في الحقلِ والمحجرْ .
فهل تغضبْ؟
سجِّل!
أنا عربي
سلبتَ كرومَ أجدادي
وأرضًا كنتُ أفلحُها أنا
وجميعُ أولادي ولم تتركْ لنا..
ولكلِّ احفادي
سوى هذي الصخورِ
فهل ستأخذُها حكومتكمْ..
كما قيلا؟
إذنْ سجِّل!
برأسِ الصفحةِ الأولى
أنا لا أكرهُ الناسَ
ولا أسطو على أحدٍ
ولكنّي..
إذا ما جعتُ
آكلُ لحمَ مغتصبي
حذارِ.. حذارِ..
من جوعي ومن غضبي!!
قصيدة: لا شيء يعجبني للشاعر محمود درويش
يقول مسافرٌ في الباصِ
لا الراديو ولا صُحُفُ الصباح,
ولا القلاعُ على التلال .
أُريد أن أبكي يقول السائقُ:
انتظرِ الوصولَ إلى المحطَّةِ
وابْكِ وحدك ما استطعتَ
تقول سيّدةٌ:
أَنا أَيضًا أنا لا شيءَ يُعْجبُني.
دَلَلْتُ اُبني على قبري فأعْجَبَهُ ونامَ،
ولم يُوَدِّعْني يقول الجامعيُّ:
ولا أَنا، لا شيءَ يعجبني .
دَرَسْتُ الأركيولوجيا
دون أَن أَجِدَ الهُوِيَّةَ في الحجارة،
هل أنا حقًّا أَنا؟ ويقول جنديٌّ:
أَنا أَيضًا أَنا لا شيءَ يُعْجبُني
أُحاصِرُ دائمًا شَبَحًا يُحاصِرُني.
يقولُ السائقُ العصبيُّ:
ها نحن اقتربنا من محطتنا الأخيرة،
فاستعدوا للنزول فيصرخون:
نريدُ ما بَعْدَ المحطَّةِ
فانطلق
أمَّا أنا فأقولُ:
أنْزِلْني هنا أنا مثلهم لا شيء يعجبني،
ولكني تعبتُ من السّفَرْ.
محمود درويش أحن إلى خبز أمي ….
اقرا ايضا: اقتباسات نزار قباني